عندما يسري الحب في أوصالنا…

عندما تطوى للأحبة الأزمنة والمسافات، ويغدو الحب الذي يجهد في تحصيله الصالحون والأولياء بمزيد من القربات والطاعات – “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه” 5 – في متناول قلب نبض حبا على بساط الصفاء، مبرأ من كل المصالح ومنزها عن شتى الأهواء، عندها تهل البشارات بعظيم الفضل وجزيل الكرامات، عندها يصبح الحب مقاما يغبط عليه حتى النبيون والصديقون والشهداء، فقد وجبت للمتحابين محبة خالق الأرض والسماء.
وعندما يثمر الحب تباذلا للخدمة والعطاء، وتناصرا لأجل قضايا الأمة الغراء، وتناصحا بين المومنين والمومنات، تغدو أعظم المنح وأجل الكرامات تربعا على عرش الأنوار في العلياء، وتربعا على عرش قيادة العالم نحو السعادة والنماء.“حقت محبتي للمتحابين في حقت محبتي للمتواصين في حقت محبتي للمتباذلين في المتحابون في على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء “ 6 .
عندما يسري دفئ الحب في أوصال الأمة تغدو صفا متراص البنيان متماسك الأطراف، يستعصي على المعتدين اختراق منعتها أو امتهان كرامتها أو النيل من عزتها،إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص 7 .
حينها يثمر الحب إيمانا بطعم الحلاوة، كما بشرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، حينها تصير حرارة العاطفة، في الآخرة ظلالا وارفة، تحفظ المحبين من حر الراجفة“أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي” 8 .
حب يتعالى على فواصل الزمان والمكان، انتماء لقافلة الأنوار وانخراطا في سلسلة الأخيار، منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى ما شاء الله تعالى من الأيام، فتسري المودة والحنين دعاء واستغفارا للسابقين:ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وشوقا وانتظارا للاحقين، كما أشار لذلك سيد الأولين والآخرين، في مقاله الأكرم المبين:“اشتقت لإخواني”نسأله سبحانه أن يكتبنا منهم.
[2] رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم والقضاعي
[3] سورة الصف، آية 4
[4] رواه مسلم
[5] صحيح البخاري
[6] رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم والقضاعي
[7] سورة الصف، آية 4
[8] رواه مسلم