طاحونة المخزن وحبوب العدل و الإحسان

خلال الأحداث الأخيرة التي يعيش وقائعها مغربنا الحبيب، سال مداد كثير عن العدل والإحسان وعن أجنداتها الخفية والساعية لتحريك سيل الاحتجاجات والرفع من وتيرتها ثم الركوب عليها طمعا في حصد النتائج والاستئثار بالغنائم.
وما فتئ المخزن يروج لهذه الطروحات المغرضة ويلوح بفزاعة الإسلاميين والإرهاب ليبرر للغرب لجوءه للعنف ويكسب دعمه أو على الأقل غض الطرف عن ممارساته القمعية.
ولكن وكما يقول المثل: تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، فقد جرت أقدار المولى عز وجل بما لا تشتهيه سفن المخزن، قالوا الجماعة وراء الأحداث وأنها تحاول الركوب على حركة 20 فبراير وأنها وراء أحداث خريبكة وأنها وراء احتجاجات الطلاب واللائحة تطول من الاتهامات المجانية، وكلما زاد افتراء المخزن كلما زاد تصميم الجماعة وتأكيدها على المشاركة في كل نضال يزيح الظلم والقهر عن بلدنا الحبيب جنبا إلى جنب مع كل القوى الحية التي تعمل في مصلحة هذا البلد ومصلحة هذا الشعب الذي عانى كثيرا وآن الأوان أ، تسمع كلمته وتحترم كرامته وينال حقوقه كاملة غير منقوصة.
وقد دأبت طاحونة المخزن الدوارة على طحن كل صوت حر عز عن التدجين أو كشر عن أنياب الرفض أو غرد خارج السرب، وإذا كانت الكثير من الحبوب مهيأة للطحن بطبيعتها فإن حبوب العدل والإحسان من النوع الذي يستعصي على الطاحونة المخزنية، ومن الأسباب الرئيسة التي أكسبتها هذه الصلابة والقوة، ولست بصدد ذكر الأسباب التي قد يراها المحللون السياسيون من خارج تنظيم الجماعة لأنني لست محللة سياسية (ماهرة)، ولكن سأتكلم عن سبب ذاتي وجوهري في أدبيات الجماعة، لا يعلمه الكثيرون أو قد لا يجدونه ذي أهمية، لسبب بسيط وهو أن من يقف على باب بيت ينوي وصفه لن يتجاوز وصفه المظهر الخارجي له، أما الوصف الداخلي التفصيلي فلن يتقنه إلا ساكنوه. ومن داخل هذا البيت الدافئ أقول: إن من أسباب قوة الجماعة وتمنعها على الاحتواء والتدجين هو صلتها القوية بالله عز وجل، وسلوكها لنهج تربوي أساسه محبة الله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبة الناس جميعا، وما فتئت توصي أبناءها بأن من لا حظّ له من الله لاحظ له من سعادتي الدنيا والآخرة، ثم الصدق مع الله ومع الناس مستنيرة في ذلك بمنهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكينونة مع الناس والرفق بهم والتهمم بهمومهم وخفض الجناح لهم، وهذا ما ربت عليه الجماعة أبناءها. وذاك سر تمنع أعضاء الجماعة، وهم حبوبها الصلبة التي لا تطحن، لأنها حبوب للزرع تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، و ليست للطحن فيذهب ريحها.