بعد طول غياب

استقبلت كريمة صبح يوم جديد، لم يكن مثل غيره من الأيام، فقد اتخذت قرار العودة بعد غياب طويل، ودعت صويحباتها ثم أخذت مستلزماتها، وانطلقت من دولة أوربية متجهة نحو بلادها تونس الخضراء.
كانت قد غادرت تونس وهي في ريعان شبابها، وهاهي الآن تعود إليها امرأة عجوز، ابيض شعرها، وتغيرت ملامح وجهها، بعد سبعة وعشرين عاما من الغياب، كانت قد غادرت دارها، وتركت ذكرياتها بين الجدران. استمر شريط الذكريات يمر بخاطرها، وهي في طريق العودة إلى بلادها، هل ما زال الناس يذكرونها ويعرفونها، بعد إن انقطعت أخبارها ردحا من الزمن؟ هل مازالت صويحباتها يجتمعن في ركنهن المفضل ويتجاذبن أطراف الحديث… أم أنهن مضين مع قوافل الراحلين كل يوم إلى الآخرة، فهي لا تزال تذكر آخر حديث دار بينهن قبل رحيلها، حينما ضاق صدرها من مشاكل عالمها وعالمهن: البطالة،الاستبداد،القمع البوليسي، الفقر، الجهل …
كيف سيكون الحال في هذه الفترة الانتقالية التي طالما حلمت بها وناضلت من أجلها؟ مر شريط الذكريات وهي ماضية في رحلة العودة، كان الوقت يمر بطيئا، لعلها كانت تسأل نفسها، كيف مرت سنين الغربة التي امتدت هذه الفترة كلها؟
وصلت إلى بلادها، كانت تبدو غريبة فيها، لم يعرفها أحد من أهلها تغير كل شيء من حولها.
الشوارع تضج بالشعارات ومسيرات وتظاهرات لم يسبق لها أن رأت مثلها من قبل.
نساء وشباب وعجزة يهتفون بشعارات كلها تصب في معنى التغيير والتجديد و ما هو أفضل.
أحست بشعور جديد ينتابها وكأنها ولدت من جديد، وقالت في نفسها هذا ما كنت أحلم به سنوات عدة، ولطالما جلست مع صويحباتي وذكرتهن بقوله تعالى للمنذرين “إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب”.
عاهدت كريمة نفسها على المشاركة في التغيير والمساهمة رغم كبر سنها، فالمسألة تتعلق بحلم لطالما دعت ربها ليصبح حقيقة؟.
و لطالما ناضلت من اجل قضيتها ,قضية المرأة ومظلوميتها..حان الوقت إذن إلي تقدم في البحث عن كيفية بناء شخصية المرآة المسلمة الفاعلة في التغيير و الإجابة عن اسئلة ‘كيف’و تجاوزاسئلة ‘لماذا’التي ربما قد أجيب عنها بقدر كاف
لكن هذا التغيير لن يتم الابتظافر جهود الأمة كلها و على رأسها المرآة ,لأنها الركن الأساسي للتغيير.