مولد في ذكرى المولد

تحل علينا ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنوارها السنية وإشراقتها البهية والعالم يعيش مخاض ولادات جديدة بتغيير أنظمة غاشمة ورفع ظلم جاثم، بعث النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أصلا من أجل أن يرفع عنا وزره.
تطل علينا ذكراه، جميلة الطلة بهية الحلة وقلوبنا تطرب فرحا بالذي أنقذنا ببعثته الشريفة من درك الحيوانية والظلم والعدوان، وغمط الحقوق والفسوق والعصيان، إلى رحاب الصفاء والنقاء والإخاء والإباء والعدالة والطهارة والسعة والتوحيد، حتى نعبد الله جل وعلا وحده ولا نحني الجباه لسواه، لا ركوع ولا خنوع ولا استعاذة إلا به سبحانه.
بعث صلى الله عليه وسلم الوسيم القسيم الوضيء الكريم الحبيب اللبيب، فأُكرمنا ببعثته رجالا ونساء ذكورا وإناثا شيبة وشبابا صغارا وكبارا، لكلٍّ حظه الوافر الظافر من كرمه المتأصل، وجوده المتجذر ورحمته الغامرة.
ولادة جديدة أضحت بوادرها راسخة في الأمة من خلال حركات التحرر الواقعة في بلادنا المجاورة الشماء، في ذلكما الرِّبعين من أمتنا الكبيرة، ما أحسب سيد الخلق صلى الله عليه وسلم إلا سعيدا بها، ولعلها موصولة بأخرى إلى حين انعتاق كل شعوب الأرض وانتشار العدل ودخول دين الحق في كل بيت وَبَر أو مَدَر.
تحرُّر الأوطان واجب، فهي بلاد الإنسان ومستقره وموطنه وملاذه وبيته الكبير، وتحرر القلوب أوجب لأنها محل نظر الله تعالى وموطن الأعمال وبها تعرج الأرواح في مدارج القرب إلى المولى سبحانه وبها تعمر الديار وتخلص النيات لتحرير الأوطان وبنائها وإتقان واجب الاستخلاف.
القلوب بحاجة إلى ولادة جديدة مواكبة ومصاحبة لهذه الحركات التحررية وباقية بعدها حتى تنسلخ من مشيمة الطباع الجافة والأذواق المتردية والبعاد عن التربية السوية فتنبعث ملبية منادية: أنا على قدمك يا سيدي يا خير البرية، من سمائك أستمطر ومن ذوقك أستعطر وعلى دربك أسير… ليس فقط في ذكرى مولدك بل دائما وأبدا إلى أن نلقاك بإذن السميع العليم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.