حملة تنظيف حقيقية

اعتدنا في الأيام العادية أن نرى في نشراتنا الإخبارية مجموعة من المتطوعين قائمين على نظافة أحيائهم أو حي من أحياء المدينة الذي اعتلته الأوساخ وتهلل بهذا العمل الحضاري جمعيات المجتمع المدني ووداديات الأحياء كالذي يريد تصفية النهر عند المصب حيران عن سبب عدم جدوى العملية التطهيرية, وهل الصفاء والنقاء يحتاج إطلالة وتطهير في عالية المصب ومن الينابيع أم في سافلة المصب؟
وهل النظافة الحقيقية تقتصر فقط على هذه الجوانب أم هناك دواليب ومغارات لابد من تنظيف جدري لها.
وفي أيامنا التي تفور وتمور تكاد تسمع غليان قدورها الأذان الصماء, نشاهد شباب مصر الذي عبر عن قمة التحضر يخرج لكنس وتطهير الشوارع من بقايا الأوساخ التي ملأت الشوارع وخاصة الساحات الكبرى التي عرفت حشودا من المحتجين… ولكم أعطوا للعالم أجمع صورة حقيقية عن ذلك المسلم العربي خلاف ما تحمله الذاكرة الجمعية الغربية عنه من تخلف وهمجية وبداوة وفظاظة وفي كلمة جامعة مانعة الإرهابي… صورة كنست الصورة القديمة ورمت بها في القمامة, صورة فرضت نفسها على العقلية الغربية لتقوم هي الأخرى بكنس الأفكار الميتة وتصحيحها.
لكن الجانب الذي يؤرقني و يؤرق أكثر كل محلل نفسي, الجانب الذي يستحق النظافة الفعلية الحقيقية, ذلك الموروث الذي علق بالنفس الإنسانية التي واكبت سنوات الظلم والقهر والاستبدا, هذه النفوس المندفعة الثائرة اليوم في شوارعها, هذه النفوس الشبابية خاصة وما علق بها من موروث الظلم كيف تتخلص منه لترقى من الكيل بمكيالين ورد الصاع صاعين لتحقق العدل والإحسان في الأرض في مطالبها ومشاريعها الاستخلافية بعد إقلاع السماء, وابتلاع الأرض للماء, وغيض الاحتجاج والثورة, ثم استواء سفينة التغيير على الجودي..