بلدنا حرة وظالمونا “برّه”

لكل جبار نهاية… ولكل ظلم حكاية وألف رواية.
حين تُنتهك الحرمات وتُضيع الحقوق فاعلم أن الله سبحانه ينظر ويرى.
حين تُضيق الحريات وتكمم الأفواه دون الكلمة الحرة الأبية، فاعلم أن الضغط لا يولد إلا انفجارا.
حين تمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ويُسعى في خرابها -معنى أكثر من حس- ويُعد داخلوها كأننا أمام إحصاء للأنفس ولا تولج إلا ببطائق، فاعلم أنه منتهى الظلم الذي يحمل معه منتهى الخزي في الدنيا أما الأخرى فموكول أمرها إلى مليكها عز وجل القائل: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
إذا ضُيق على الشعوب في أقواتها فغلت الأسعار وارتفعت الأجور وما أحدثت فرص للشغل لجحافل المعطلين، فاعلم أن طول الصبر على الجوع والطوى والذل والمهانة لا بد أن ينفد.
إذا عم الجور وكثر الغبن وشاعت المظالم فاعلم أن الله منتقم.
إذا استُنزفت ثروات الشعوب وهم ينظرون نظر الكرام في مآدب اللئام، والتُهِم المال العام وتُدوول بين فئام دون فئام، فاعلم أن عين الجبار لا تنام.
إذا انتشرت خفافيش الظلام لتحجب النور وتمنعه من الظهور فاعلم أنها ستحترق.
إذا امتلأت السجون بأحرار الوطن، وصار الوطن سجنا كبيرا لأبناء الوطن، فاعلم أن أبناء الوطن يوما سينادون: بلدنا حرة وظالمونا “برّه”.
هي خطرات وتأملات فيما وقع لجارتنا حين أعيت رئيسها حيل إسكات الشعب الذي قرر الحياة، فكان لا بد لقيد العبودية أن ينكسر، ولليل الباطل أن ينجلي، تركها حامية مشتعلة لظى بعد أن أشعل فتيلها بظلمه واستكباره ففر فرار الذليل المهان مناديا نفسي نفسي وبعدي الطوفان.
لم تنفع وعوده في أيام عصيبات فقرر أن يطير في سماء الدول طالبا للجوار.
هو طاغية آخر قد سقط، هي أوثان تتساقط، وعمر الطغاة وإن طال قصير.
طغاة يحملون معهم وهم – اللهم لا شماتة – مختبئون في الحفر، أو محلقون في السماء طلبا للجوار خزيا ومقتا وكراهية الشعوب، يحملون معهم أوزار من عذبوا وسجنوا وقتلوا ونفوا وحاصروا بعد أن لفظتهم إرادة شعوبهم القوية الأبية، وحقت عليهم السنن الإلهية، وصدقت فيهم قولة الإمام علي كرم الله وجهه: لا تظلمّن إذا ما كنت مقتـــــدرا***فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم
تنـام عينـاك والمظلوم منتبـه***يدعو عليك وعين الله لم تنــــم