فرحة ببراءة الأبرياء

كم هي لذيذة فرحة النصر… والألذ منها فرحة انتصار الحق وظهوره على الباطل الذي سيظل زهوقا.
سيظل زهوقا على مر العصور لأن الله تعالى أولا يكره الظلم والظالمين فحرمه لذلك تحريما قطعيا وجعله بين عباده محرما لما فيه من ضياع الحقوق وتهييج الفتن واندثار العدالة.
سيظل زهوقا لأنه لا ينبني على صرح عتيد وبرهان أكيد إنما هو زبد “والزبد يذهب جفاء أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”.
سيظل زهوقا لأن ما بني على باطل يظل باطلا والباطل لا يباركه الله تعالى ولا يزكيه.
سيظل زهوقا لأنه ظلمة تحاول تغطية شمس الحقيقة الساطعة، وشمس الحقيقة لا تحجبها الخيوط الواهية.
سيظل زهوقا لأن الله تعالى يقيد للحق دعاة وبناة ومنافحين في كل زمن وحين.
سيظل زهوقا لأن الله تعالى وعد بالنصر المبين والتأييد العظيم من ظُلم وأقسم لينصرنه ولو بعد حين.
سيظل زهوقا لأن الله سبحانه أقام ملك الأرض وقوة الوجود الإنساني على الحق والقسطاس المستقيم والعدل المبين.
سيظل زهوقا لأن الظالم وإن خيل له النصر في مرحلة نشوة بمعركة عابرة، فالعبرة بالخواتيم “والعاقبة للمتقين”.
لن أعرض بين أيديكم أيها الكرام تاريخ الأمم والحضارات لأن كفة الحق راجحة دائما عند من خلصت لهم النية وعلت الهمة وشحذت الإرادة لتحقيق عدالة المجتمعات ونصرة المستضعفين وإقامة الحق في الأرض.
بين الحق والباطل صراع طويل مرير منذ أن وطئت قدم البشرية الثرى فخاصم قابيل أخاه هابيل فقتله غيرة وحسدا أن تقبل الله من أخيه قربانه وما تقبل منه فـ ” قال لأقتلنك ” عنف وتسلط على الحرمات وانتهاك للحقوق يقابله ثبات على الحق وتفويض الأمر إليه بلا عنف ولا هيجان ” قال لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين”.
الحق يعلو والباطل إلى زوال، الحق قوة ظاهرة والباطل ضعف زائل، الحق حقيقة والباطل وهم، الحق قوة في رفق والباطل طبول ومزامير تنفخ هواء عكرا وتستنشق نتنا وفسادا.
الحق حق وإن أزهقت دونه الأرواح الطاهرة وسجنت الفئات الصالحة من أعيان الأمة وأجل أبنائها.
الحق يظهر فتعم فرحة النصر القلوب والعقول والوجوه والوجدان.
فرحة النصر تذكرنا الناصر الله، الحسيب الله، القوي الله…
فرحة النصر لا تنسينا من دافع بصدق وقوة عزيمة عن الحق ليظهر فتنشرح له القلوب.
فرحة النصر لا تنسينا همما عالية وقلوبا فاضلة جاءت من أقاصي البلاد وأدانيها لتدافع عن هذا الحق لإيمانها بعدالة القضية وصدق المطلب.
فرحة النصر تجعلنا بعين الرأفة والشفقة ننظر لمن باع ويبيع دينه بثمن بخس دراهم معدودات وكان في الدنيا من الخاسرين أما أمر الآخرة فهو بيد الله إن شاء عذب وإن شاء غفر ولا يغفر سبحانه إلا “لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى”.
فرحة النصر لا تنسينا ولن تنسينا أبدا أن هناك دائما مستضعفين في الأرض ينتظرون بقلوب راغبة متشوفة رسوخ رايات العدل في الأرض ومعراج الإحسان في الأرض والله المستعان.
ولكم كامل التحية أيها الأبرياء المبرؤون، ووقفة إجلال وإكبار لحاميات أبراجكم التليدات، ولكل الأمهات والآباء الذين أنجبوا أبناء العزة والإباء، ولكل من أحب وعضد ونصر.