ابني مراهق كثير السهو

كثيرا ما نسمع عن مرحلة المراهقة وما تثيره من تخوف وقلق لدى الآباء والمربين و…إنها مرحلة ما بين الطفولة والرجولة التي نلمح خلالها تغيرات كثيرة في تصرفات وسلوكيات أبنائنا بشكل يفاجئنا ويقلقلنا غالبا، لأننا لم نضع هذا التغير في حسباننا ولم نهتم إلا عند بلوغه أقصاه.
الجدير بالذكر أن المرحلة وما يرافقها من تغيرات يلزمنا بإعداد قبلي نهيئ من خلاله أنفسنا ثم أبناءنا لاستقبال المرحلة استقبالا يساعدنا على تكملة بناء شخصيتهم في جو أبوي سبق في علمه جل المشاكل التي يمكن أن يصطدم بها وابنه في هذه المرحلة، فيحيط بالأسباب والدوافع وطرق الوقاية والمعالجة.
إن كثرة السهو من بين المشاكل التي تعترض سبيل السير الطبيعي لتربية أبنائنا لنجدهم مغرقين في عوالم لا تنتهي من الأحلام والأوهام وهذا ما يطلق عليه “أحلام الأوهام” أو “أحلام اليقظة” ولا تؤثر الظاهرة على السير الطبيعي للتربية فحسب بل تؤثر سلبا على التركيز والانتباه أيضا داخل الفصول الدراسية مما يؤدي إلى اختلال التحصيل والتراجع الدراسي, وهذه الأحلام ليس حكرا على المراهقين فحسب بل هي نشاط ذهني يسلكه الإنسان في مختلف مراحله العمرية للفرار من واقعه المعاش، وهو وسيلة ساذجة لإشباع ما يعجز عن تحقيقه، وغالبا ما يجد فيها المراهق نوعا من السرور والراحة النفسية التي سرعان ما تنجلي تاركة نوعا من الإحساس بالتحسر على الواقع الذي ما زال على حاله. وهذه الأحلام غالبا ما تدور عند المراهق حول الفقر ،الغنى، القوة العضلية، التفوق الدراسي، فتاة أو فارس الأحلام، ورغبات عديدة لا متناهية.
إن علمنا بهذه الحقائق وبحثنا في حقائق أخرى حول الظاهرة تمنح المربين والآباء فرصة مميزة لتوجيه تفكير المراهقين قبل وعند المرحلة بأن هذا النوع من التفكير هو تفكير سلبي، يمكن من خلاله رصد السعادة المؤقتة والمتخيلة فقط التي يتم الإحساس بها في تلك اللحظات، ومن هنا يكون الدافع هو جعل هذه السعادة حقيقية دائمة بدوام السعي الجاد والعمل الدؤوب، وهذا يتطلب منا مساعدة أبنائنا على تحقيق سعادتهم ورسم أهدافهم عوض الإغراق في الخيال دون جدوى، و تنبيههم لسلك الطريق التي تساعد على تحويل الخيال إلى واقع محقق، عن طريق بذل المجهود لتحسين الظروف، دون إغفال استحضار بعض النماذج الحية التي استثمرت أحلاما كدوافع قوية لتحققها فعلا على أرض الواقع ومنح الثقة بإمكانية فعل ذلك، دون تعنيف أو إغفال للتذكير باستيفاء كل نفس لرزقها الذي قسمه الله تعالى لها مع ضرورة الأخذ بالأسباب، وعدم التطلع للنعم التي قسمها الله عز وجل لبعض عباده دون البعض.