كذلك قالها فرعون من قبل

قصة الصراع بين الحق والباطل قصة ماضية مضي الإنسان على وجه هذه البسيطة، وأهل الباطل لا يألون جهدا في التربص بأهل الحق والتنكيل والكيد بهم وتمويه حقائقهم مع علمهم يقينا بأن هؤلاء يحملون مشعل النور للإنسانية، لكن كبرهم واستعلاءهم يدفعهم إلى محاربتهم كما حارب فرعون موسى وهو يعرفه أشد المعرفة لأنه ترعرع في قصره. ومع ذلك فإنه قال كما أخبرنا رب العزة والجبروت:إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفسادهو كان يعلم أن موسى ليس مفسدا ولن يفسد قط في الأرض لكنه اتخذ هذه العبارة ليبرر محاربته له وفي النهاية أظهر الله الحق.
كذا الشأن في زماننا فكل من هب من سبات الأمة العميق وسعى إلى تغيير ذاته المثقلة بالسلبيات ووضع يده في يد إخوته الصالحين الذين تشربوا معنى الآية التي تتوج رأس هذه الأمة بالخيرية والتي قال فيها الله عز وجل:كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله… 3 وأرقهم حال المسلمين اليوم فحاولوا الإصلاح ما استطاعوا امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:“من أصبح وهمه غير الله فليس من الله ومن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”، طالبين النجاة من سخط الله الذي قد يحل بقوم تعاطوا جميع الموبقات التي كانت تقوم بها كل أمة على حدة، قائمين بدورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لألا يشملهم الوعيد الشديد الذي حذرهم ربهم جل جلاله منه بقوله:واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةوكل همهم رضا الله عليهم فهم لا يبتغون بذلك جزاء ولا شكورا منصبا ولا كرسيا، أملهم الوحيد والأوحد أن يحظوا بالدرجات العالية في الجنة وبنظرة في وجه الكريم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
وإن صدقهم وثباتهم هو الذي جعلهم يبتلون ليصطفون وتطالهم يد الباطل التي تصفع بلا رحمة ويتسلط عليهم لسانه السلت الذي ينعتهم بأبشع النعوت فإما إرهابيين أو مفسدين في الأرض أو مارقاين وخارجين عن القانون…
فلهؤلاء قال رب العزة والجبروت:اصبروا وصابرو ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون 4 فلا يضركم إخواني كيد الكائدين ما دمتم على خطى الأنبياء والمرسلين تقتفون أثر الدعاة الصالحين وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.