يا للعجب ! كيف يفهم مخزننا معاني الحجب

وقف أستاذنا المخزن كعهدنا به دائما يعلمنا فنون الصرف والتحويل والإملاء، مفتتحا درسه بخطبته العصماء: أيها التلميذ…كن ذكيا…مهما تلبد وجهك بالبلادة…
كن عاقلا… و لا تصعر خدك لي … فتحكم على نفسك بالإبادة..
كن جميلا وصغيرا… فجمالك في صغرك لا في الشقاوة…
كن كما أريد… وستلقى مني المزيد…
– هيه أنت…
قف و استقم كما أمرت…
صرف فعل حجب إلى الأمر:
* أحجب.
– ممتاز أحسنت!
* ماذا سأحجب؟
– أحجب ضميرك اليقظ،
أحجب تفكيرك في الحق،
أحجب نبض قلبك بالإيمان،
أحجب نظر عينيك للأفق البعيد،
أحجب إيمانك بفجر موعود،
أحجب نفسك…كلك…عن الوجود.
* إذن ماذا أبقيتم لي بعد هذا الحيف…؟
بعد هذا التصريف و التزييف…؟
– أبقينا لك كل شيء ظريف…
البرسيم كله في الحظيرة…
وإذا شبعت استلق على الحصيرة…
ولا تنظر إلى السماء…
قد تصاب بضعف في البصيرة…
إننا نخاف عليك من الأذى…
ولأجلك طبخنا الحريرة…
در حول الساقية كل صباح…
بل من الصباح إلى الرواح…
واسق أرض سيدك…
و لا تكثر النباح…
نحن نريد أن نرتاح…
* يـــــــــــــــــــــــــــــــاه كم أنا ضعيف النظر …
كنت أحلم أنني بشر…
وأنني أعيش في أمان…
أنام ملء راحتي…
و لا أخشى الخطر…
– لا تحلم كثيرا فأرضك لا يسقيها المطر…
* عفوا سيدي سقط المطر…
بل فاض بيتي ماء…
و لم يبق لنا زادا و لا وبر…
– محض كذب وافتراء…
ملفك خال من البراهين والصور… طعامك…أمنك…صحتك… مسألة فيها نظر…
فانظر أمرك في عجل…
أنت في بلد لا يعرف مخزنه… من الحقوق إلا نزر…
هكذا يريدنا مخزننا الموقر…إنها مسرحية تدور فصولها على أرض الواقع، ويلقنها مخزننا ب”حزم شديد” لأبناء شعبنا الأبي و يريدنا أن نعيش أدوارها بإتقان…بل يفرضها علينا فرضا، مرة بالحصار…و مرة بتشميع الديار…و مرة بالحجب و الإنكار…وكلها أساليب للسطو والعتو والاستكبار.
وما أرى مخزننا إلا لاعبا بذيله في زمن الصحون المقعرة … و شبكة المعلومات الفضائية مستعملا أسلوب الحجب ليكشف عن فساده و سوء عاقبته.
و من يستطيع حجب الشمس بالغربال…؟!
إلا غبي أحمق أو متعال…
فصبر جميل و الله المستعان.