وفديناه بذبح عظيم

لا يفوت المسلم وهو يستقبل عيد الأضحى أن يطلع على موقف من أعظم المواقف في حيـاة خليـل الرحمان سيدنـا إبراهيم عليه السلام، يدرك من خلاله حقيقة إيمانية لبها شكر النعم والصبر على الابتلاء، وبين هذا وذاك جمال الطاعة وعظمة التسليم والرضا بالقدر والقضاء، فيكون بذلك برهان الصدق والوفاء. قال تعالى ﴿ فلمـا أسلمـا وتله للجبيـن وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤِيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا هو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم ﴾.الصافات103-107
غيـــرة الخلـــة
لقــد أغدق الله على سيدنا إبراهيـم نعما كثيرة، حيث اتخذه سبحانـه خليـلا، وسأله الذريـة الصالحة فوهبـه الله سيدنــا إسماعيـل عليه السـلام الذي تعلق قلبه بمحبتـه، لكن كيف بغيـرة الخلـة أن تقف ساكتـة وهي تقتضي منه انفـراده سبحانـه و تعالى بالمحبة، كيف تغض غيرة الخلة الطرف وهي لا تريد أن يشاركه في المحبـة أحد، لقد كان الامتحـان والاختبـار حيث أمره الله تعالى بذبح فلذة كبـده التي لم تتطلب من سيدنـا إبراهيـم عليه السـلام التفكيـر والانتظـار، فأقـدم على ذبحـه صابرا محتسبا وراضيا مستسلما، برهن من خلال ذلك على أن محبة الله أعظم من محبة الولد، ولم يبق في الذبح مصلحة ففـدي الذبيح فـداء عظيمـا جـزاء صبره على الابتـلاء والانصياع لأمر ربـه، فيا لروعة الحـدث! ويا لعظمة الموقف!.
إشــــــارة الله
لقــد كانت إشارة الله تعالى بذبح سيدنا إسماعيل من خلال الرؤيا التي رآها سيدنا إبراهيم عليه السلام ﴿ يـا بنـي إنـي أرى فـي المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ﴾. الصافات102 إشــارة أدركـا من خلالهــا أمـر الله تعالى، فاستوجبت منهما الإذعــان لـه سبحانه والرضى والقبـول دون تــردد ولا انزعــاج بـل في طمأنينـة و سكينــة، وحـوار بيـن أب رحيـم وابـن حليـم انتهى بالاستجابة في أدب رائـع و عجيب ﴿ قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴾. الصافات102
تحقيــق الغايــة
لقــد كان امتحانا عسيـرا و ابتـلاء عظيمـا لم يسـع كلاهمـا إلا التسليـم ﴿فلمـا أسلمـا وتلـه للجبيـن﴾ فتحققت الغايــة بتحقيــق أمـر الله و تنفيـذه ألا وهـي العبوديـة له خضوعـا واستسلامـا وتصديقـا للغيـب وإيمانـا فكـان جزاء ذلك إحسانا ﴿إنــا كذلك نجزي المحسنين﴾ وجاء عطاء الله فضلا و إكراما ﴿وفديناه بذبح عظيم﴾.
اللهم بك آمنا و لك أسلمنا و لما عندك من خير طلبنا فجد بفضلك علينا.