مبادرة لمسلمي فيلادلفيا ضد العنف الأسري

تعيش المرأة وضعية مأساوية جراء ما تعانيه من تهميش اجتماعي، وعنف واضطهاد من طرف بعض الأزواج. ولعل نسبة العنف المنزلي ضد النساء باتت تعرف ارتفاعا مهولا رغم الصيحات المتكررة لمحاصرة هذه الظاهرة، التي غالبا ما تتكتم عنها النساء لعدة اعتبارات، مما يساهم في التمادي من طرف الأزواج في هذا التصرف الذي ذمه الإسلام.
ما فتئ الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن الإساءة للمرأة، فعن إياس بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“لا تضربوا إماء الله عز وجل” 2
وليس الضرب المظهر الوحيد من مظاهر العنف ضد النساء، وإلا فإن أي سلوك يؤذي المرأة، أو تترتب عليه معاناتها من الناحية الجسدية، أو الجنسية، أو النفسية.. فهو عنف.
ومما يثير القلق، ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة وسط الجاليات المسلمة في الغرب، كما هو الشأن بالنسبة للولايات الأمريكية، التي تحركت فيها بعض المنظمات الإسلامية لزجر الرجال الذين يمارسون العنف ضد نسائهم، بسبب الفهم المنحرف للدرجة التي جعلها الله عز وجل للرجال على النساء، أو بسبب خلل في التنشئة الاجتماعية.
وكيفما كانت أشكال العنف، فإنه عنوان عجز عن الانتصار بالإقناع، وفقدان للقدرة على المداراة والسياسة الحكيمة التي تمكن سفينة الحياة الزوجية من الرسو بأمان.
نترك الزائر الكريم مع هذه المبادرة التي تحتاج إلى أكتر من تعليق :
مبادرة لمسلمي فيلادلفيا ضد العنف الأسري
اقترح “مجلس الشريعة بفيلادلفيا ووادي ديلاوير” بولاية فيلادلفيا الأمريكية مبادرة فريدة من نوعها تقوم على استحداث مجموعة من الإجراءات الصارمة لمنع العنف ضد الزوجات المسلمات، من خلال فضح الأزواج الذين يسيئون معاملة زوجاتهم أو يهجرون منزل الزوجية، وعزلهم عن بقية الأقلية المسلمة عقابا على أفعالهم وذلك بالمناطق التي تتبنى هذه المبادرة.
ووفقا للمبادرة التي ما زالت المناقشات متواصلة للاستقرار على صيغتها النهائية، فسيتم وضع أسماء الأزواج الذين يسيئون معاملة زوجاتهم في قائمة توزع على مسلمي المنطقة؛ بحيث يحظر زواج هؤلاء في المستقبل من المناطق التي تتبنى هذه المبادرة، كما قد يتطور الأمر إلى مقاطعة الأقلية المسلمة أية مشروعات تجارية يملكها هؤلاء الأزواج.
ونقلت صحيفة “شيكاغو تريبيون” الأمريكية يوم الأربعاء 10-8-2005 عن الإمام “عيسى عبد المتين” عضو المجلس الذي يضم 30 إماماً، قوله :إننا بحاجة إلى وقفة شاملة. فعلى الأزواج المسلمين أن يدركوا أننا لن نتسامح في هذا الأمر)لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن المجلس سيناقش خلال الفترة المقبلة عدة قضايا في هذا الشأن من بينها تحديد معايير وضع الأسماء في القائمة بدقة، وكيفية حماية الزوجات اللواتي سيتقدمن بشكوى إلى المجلس ضد أزواجهن الذين يسيئون معاملتهن أو يهجرونهن.
وأعربت “رشيدة عبد الخبير” نائبة مدير “دائرة رعاية تنظيم الأسرة”، التي تساعد النساء المصابات بمرض نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) وأسرهن، عن أملها في أن يقدم المجلس دعما ماليا، ويوفر مسكنا آمنا للزوجة التي تترك مع أطفالها منزل الزوجية نتيجة إساءة معاملتها، فضلاً عن مبادرته لتقديم النصيحة للأزواج والزوجات الذين قد يمارسون العنف المنزلي كمحاولة لإصلاحهم والعفو عنهم ومن ثم عودتهم إلى صفوف الأقلية المسلمة قبل معاقبتهم.
أما “أتورني جورج بوتشيتو” وهو خبير في قانون التشهير، فقد نصح المجلس باستشارة محامين حول ما قد يعد تشهيرا عند وضع اسم الزوج الذي يمارس العنف المنزلي في قائمة ونشرها حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية.
وبحسب “نفيسة كوبر” الناشطة بإحدى المجموعات النسائية الإسلامية بفيلادلفيا، فسيتم مناقشة كل القضايا المتعلقة بالعنف الأسري في حلقة نقاشية بحيث من المقرر أن تعقد يوم 28-8-2005 بالولاية.
وحول رد فعل الجمعيات الحقوقية في فيلادلفيا تجاه هذه المبادرة، اعتبرت “مها الخطيب” مديرة مشروع “أسر مسالمة” -وهو مشروع غير ربحي يناقش العنف المنزلي بين المسلمين- أن “فيلادلفيا بهذا المشروع تجاوزت الأقليات المسلمة الأخرى في التعامل مع هذه القضية”، مشيرة إلى أن قضية العنف الأسري من المواضيع المحظور الحديث عنها داخل الأسر المسلمة.
ومن جانبها قالت الناشطة “أمينة ودود” التي أمت المسلمين في صلاة الجمعة بنيويورك في إبريل 2005 وأثارت انتقادات حادة : “الملامح المميزة لهذه المبادرة والمتمثلة في أن من أطلقها هم رجال من زعماء الأقلية وليس نساء حقوقيات تمثل سابقة على مستوى العالم”.
وأشادت “ماري فورتشون” من معهد “ثقة الإيمان” (فيث تراست) بمدينة سياتل -وهو معهد رائد في مكافحة العنف الأسري- بالمبادرة التي قالت إنها “لم تعرف أية أقلية دينية أخرى في الولايات المتحدة لديها مثل هذه السياسة الصارمة” في مواجهة تلك الظاهرة.
تجدر الإشارة إلى أن عدد مسلمي الولايات المتحدة يتراوح بين 5 و10 ملايين نسمة من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 296 مليون نسمة.
———-
المصدر: إسلام أون لاين.نت بتصرف.
وفي الختام، وعلى الرغم من كون هذه المبادرة مؤشر واضح على استنكار علماء المسلمين لهذه الظاهرة، نقف لنتساءل مع الزائر الكريم عن مدى جدوى مثل هذه الإجراءات في القضاء عليها؟
وهل تتوافق مع روح وطبيعة العلاقة الزوجية في الإسلام، المبنية أساسا على المودة والرحمة، والمحاطة بسياج تقوى الله عز و جل و مراقبته؟
ثم هل استنفذت المؤسسات الإسلامية من جمعيات و هيئات كل الخطوات التربوية، للمرأة والرجل على حد السواء، للحد من هذه الظاهرة؟
وهل من ضرورة لهذه الإجراءات؟ وما قانونيتها؟ ثم أليست هذه الجاليات معنية بالقوانين المعمول بها في ذلك البلد؟
وهل تم استحضار العبء المادي لتلك الأسر التي ستفقد من يعولها؟