ما أفصح الأعمال إن وُهِبَت فمًا

سعدية قصدت إلها مُنْعِمَا***لبت نداء الحق حين تَقَدَّمَا
مدَّتْ يَدَيْها للخطيب وأَقْبَلَتْ***تُبْدِي رضاها بالحبيب تَبَسُّما
زُفَّتْ عروسا والشهادةُ مَهرها***للموت طَيِّعةً فجاد تكرُّما
برؤىً تهنِّئها وتظهر فضلها***بين الورى ولدى الملاَئِِكِ في السَّمَا
وبأمهات المؤمنين اسْتُقْبِلت***وبمحمَّدٍ، صلى الإله وسلما
حَمَل اسمُها وجهَ السّعادةِ ظاهرا***والقصْد وجهٌ باطنٌ قد جَمْجَمَا(1)
في “المؤمنات الزائرات”(2) تميزت***و”لِنَدْيَةَ” كانت تُمثِّل مِعْصَما
قلب سليم واللسان مُدَرَّبٌ***إن فاه وافى بالمَرَامِ وأَفْحَمَا
“سَعْدَيَّةٌ” هي للمعالي قاصدٌ***ولمن أراد العزَّ كانت سُلََّما
نالت من الأم الحنون ومن أب***سَمْحٍ رضاءً ما أجلَّ وأعظَما!
ومن الحبيب عناية ورعاية***يا سعدَ من لجماعة الصُّدْقِ انتمى
قَوَّامة صَوَّامةٌ مِقْدامةٌ***عِرْقٌ أصيل في رُبَى التقوى نما
ذي ستَّةٌ من بعد أَلْفَيْن ابْتَدَتْ***فلعل ذكرى موتها يُوحِي بما
كانت شهيدتنا تُشعُّ بنوره***إكرامُ من كنَّ الجواريَ والدُّمَى
من كن ِنسوانَ المَلِيك حريمَهُ***مائة وألفاً في القصور وأيْنَما
كن الشَّنَارَ (3) لبيت فقْر مُدْقِع***إن بُشِّروا بالبنت سَنُّوا مَأْثَما
كُنَّ العَوَانَ بِبَيْت بعل قاهر***إما حريما أو تصيرَ مُحَرَّما
نادت إلى تحريرها من كل ما***أبدى لها وجه الهدى مُتَجَهِّما
رفقا بها، يُسْرُ الشريعة رحمةٌ***لا عُسْرُ من حُرِم التقى فَتَجَشَّما
ماتت بحادثة وكان مُرادها***إحياءُ سنة من هدانا من عَمىً
أوصى بها أما وزوجا جاعلا***من أكرم الأنثى لديه مُفَدَّما(4)
ماتت وفي عنق النظام مظالم***من قبحها ضحك اللعين وزَمْزَمَا
ذكرى دجنبر يا لها من كذبة***بلقاء منبرها المبَيَّتُ مُرْغَمَا
من بعد دهر لا يزال متابِعا***آلاً(5) بآلِ البيت طاف وحَوَّما
بئس السَّرابُ وبئس طالِبُه إذا***وَافَاه أَلْفَى ما رآه توَهُّما
حتى يلاقي ربه يا وَيْحَه***أمسى عصاً بيد النظام ومَنْسِما
أعطى الدَّنية طائعا من نفسه***في حضن من جاروا ومن ظلموا ارتمى
“سعديةَ” الإحسانِ نامي واهْنَئي***أَنَّى لهم أن يطفئوا نور السما
إن أوقدوا للحرب نارا بُعدَهم***فالله مطفئها يقينا دون ما
أو يسخروا منا سخرنا منهمُ***هيهات يفلح جاحدٌ مهما سما
ولسوف يطلُع فجـرنا بعد الدّجــى***مهما ظلام الليل عمَّ وخيَّما
فالحق حق والضلال إلى مدى***حبل سَحِيلٌ(6) كيف يغلِب مُبْرَما؟!
من كان للباقي يدوم ويرتقي***ومن ابتغى عرَض الحياة تصَرَّما
“سعدية” ذكرى وبشرى موتُها***أضحى منارا للدعاة ومَعْلَما
يوحي بأن السَّعد حفَّ “بقاصد”***مذْ خاللت رجلا رشيدا مكْرَما
بالعدل والإحسان أهَّلَهَا إلى***جَمْعٍ مَعَ التقصير حِيزَ مُقَدَّما
ولقد أتانا من رُؤاها واعظ ***ومن “الكريمة” أختِها قد أَعلما
أن الفلاح بصحبة وجماعة***وعلى تَوَاتُرِ ذي الحقيقةِ أقسما
وأخوهما “لعلُو” يؤكد جازما***هذي البشارة موقنا ومُسَلِّما
ويضيف أن كتاب ربي عاصمٌ***من كل سوء، إنه حامي الحمى
حامي حمى دين الإله وهديه***لولاه كنا كالنعام و أبكما
وحمى النبي وآله وصحابه***كلٌٌّ بهم وصَّى وكلٌّ عَظما
صلوا عليهم دائما لا تبخلوا***بئس البخيل عن الصلاة تَلَجَّمَا
صلوا على طََبِّ القلوب دوائِها***يا سَعْدَ من صلى عليه وسلما
ولنا مع الأحباب دوما موعدٌ***في سجدة الأسحار أصبح ُملزِما
هو واحد من ستة هن الصُّوَى***لمن ابتغى غُنْما وجانَبَ مَغْرَما
مخ العبادة والرباط لموكب***تدعو له فيُحِيل قلبك مُفْعَما
بالحب أَوْثَقِ عُروة مِن دِيننا***كم من شَقِي بالمحبة أُكرما
يا قاصدَ السعداء ُفزت بقربهم***بهواهمُ شغَلوك صرْت مُتَيَّما
سعدية وكريمة ومحمد(7)***دمعي إذا ذكروا على خدي هَمَا
ولآخرين وأخريات مثلهم***أُهْدي قَصيدي داعيا مترنِّما
أَلْحِق إلهي مذنِبا بجِوارهم***عبد جثا مستغفرا مسترحما
يرجو مثابا في ليال فضلها***فضل الجهاد على القعود وأغْنَما
بارِك إلهي عامنا واجعل لنا***فيه الظهور مؤيَّدا ومُعَمَّما
إن كان كَذَّب ما رأيْنا مُنْكِرٌ***وعتَا علينا ساخراً ومُجَرِّما
فلقد وعدتَ وما وعدتَ به غدَا***بُشرى وسُلوى للجريح وبَلْسما
مرحى بما مِنْ ربنا قد جاءنا***ولمن طغى متعالما متجَهِّما
قلنا “سلاما” لن نرُدَّ ولم نكُن***يوما نرُدُّ على المَلام تكلُّما
بل بالإرادة والعزائم قومةً***ما أفصح الأعمال إن وُهِبت فمَا
*عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان__________
1- جمجم : أخفى ما في صدره
2- المؤمنات الزائرات: المؤسسة التي تشرف على عمل المؤمنات وندية يس نجل الأستاذ عبد السلام يس هي المسئولة عنها
3- الشنار: العار.
4- مفدما: معظما مكرما.
5- الآل: السراب.
6- حبل سحيل: ضعيف، رقيق، هش، مهلهل.
7- كريمة صليان زوج صاحب القصيدة رحمها الله، وسيدي محمد لعلو رحمه الله أحد المسئولين المبرزين في تنظيم الجماعة، كلاهما مع الشهيدة السعدية رحمها الله رُئيت فيهم مَراء عظيمة ومبشرات شاهدة
ملف وفاءً لذكراها..