ماذا لو فعلنا مثله؟

فن جديد من فنون إدارة الحياه الزوجية، التجاوز عن الأخطاء وغض الطرف عن الهفوات الصغيرة والتماس الأعذار والنوايا الحسنة والمداراة التي تحفظ الود والعلاقات، خلق عظيم إن غاب عن معاملاتنا خاصة الزوجية تصدعت العلاقة بين الزوجين وخربت بيوت كثيرة، وهو ما يصطلح عليه اليوم “بفن الإتيكيت” الذي يرسم معالم التعامل بين الزوجين على أساس من الذوق الراقي في التعامل والاحترام المتبادل والإحساس العاطفي النبيل بين الزوجين ليبقى بيت الزوجية ثابت الدعائم قوي البنيان. فهيا أيها الزوجين الحبيبين نلقي نظرة على هذا الفن الراقي الذي أسس له منذ أربعة عشر قرنا خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع زوجاته أمهات المؤمنين تعليما و محبة ومداراة تنم عن رجاحة عقل وعظيم خلق وكمال دين.
شهد وعسل
تعتبر السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، فكلما زاد الجهد في بنائه زادت حلاوة الشهد فيه، ولا شك أن هذه المسؤولية تقع على الزوجين معا لتحقيق الاستقرار العائلي واستمرار العلاقة الزوجية، فالزوج من جهته يحرص على حسن معاملة زوجته بالعطف والرحمة والإحسان وبشاشة الوجه والتواضع والعفو والصفح وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة، اقتداءً بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم، فهو مع عظيم قدره، وبالرغم من انشغاله بالدعوة إلى الله تعالى، كان يلاطف زوجاته ويمازحهن ويعاشرهن بالمعروف ويرفق بهن ليدخل السرور على قلوبهن فتزداد المحبة والمودة بينه وبينهن، فقد وصفته أمنا عائشة رضي الله عنها، عندما سئلت عن حاله إذا خلا بنسائه فقالت:كان كرجل من رجالكم، غير أنه كان من أكرم الناس وأحسن الناس خلقاً وكان ضحاكاً بساما 3 .
فكلمة طيبة مشجعة أو مادحة من الزوج تفعل فعل السحر في نفس المرأة، سيما إذا قرنت بالمداراة والحكمة والرحمة فإنها تزهرمحبة ومودة وسكنا.
ومن جهتها تسعى الزوجة إلى كسب ود زوجها ورضا ربها عز وجل وذلك بإحاطته بحسن العشرة وجميل الرعاية وتوفيرالحضن الحاني، وكذا تفقد شؤونه وتوفير وسائل راحته النفسية والجسمية وحسن التدبير المنزلي ورعاية الأبناء في تعاون وتكامل بين أدوارهما في التربية، حتى تصير في عينيه كنز عطاء لا ينضب، يتدفق عطفا وحنانا ورحمة وحرصاً على استمرار الدفء العائلي والمودة المتبادلة.
مدارة وتسامح
لاشك أن الاحتكاك اليومي بين الزوجين وكثرة المشاغل والمسؤوليات الملقاة على عاتقهما تثير بعض الخلافات والنزاعات بينهما، الأمر الذي يتطلب نهج أسلوب المداراة والملاينة التي هي الأصل في الأخلاق والمعاملة لولا تكدر صفو العقول والقلوب ببعدنا عن توجيهات الله سبحانه وتعالى وعن الهدي النبوي في تعاملنا وسلوكنا.
فأحسن ما يحتوي به الزوج الرحيم غضب زوجته وقلقها رفق ولين وموعظة حسنة وحوار راق، لأن المرأة أحوج الناس إلى المداراة وذلك لما جُبلت عليه من عاطفة جياشة وأحاسيس مرهفة، كما ورد عن سيدنا أنس رضي الله عنه، قال:“كنت في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب الحجاب، فأتي بقصعة من ثريد من عند بعض أزواجه فضربت عائشة رضي الله عنها القصعة بيدها فانكسرت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من الأرض ويقول: غارت أمكم غارت أمكم” 4 انظر للحكمة وحسن التعامل وتصور لو أن هذا الموقف حصل معك كيف سيكون حالك أيها الزوج؟.
وأنت أيتها الزوج العطوف نبع الحنان والعطاء كوني مع زوجك كالنحلة تتغذى من الرحيق وتطرح عسلا، تحلي بحسن تبعلك لزوجك واعلمي أن الصبر مع الزوج على السراء والضراء واحتساب الأجر عند الباري عز وجل باب من أبواب الجنة، تجملي بكرم الأخلاق و طيب الكلام والقلب الكريم المتسامح كما كانت أمهات المؤمنين، كنزا من الصبر والعطاء والإيمان الكامل بالله عز وجل.
احترام وتقدير
إن المرأة إنسانة حساسة لها شخصيتها وقدراتها وآراؤها، تحب أن يشعرها زوجها بالتقدير والاحترام بمراعاة مشاعرها وأحاسيسها، بالكلمة المشجعة المؤيدة، بالنظرة الحانية، بالاهتمام بشؤونها، بعدم التحقير من شكلها، أومخاطبتها بكلمات جارحة. فهلا شاركتها أحزانها وأفراحها، بتقديم الهدية عربونا على توطيد المحبة ودوام السرور والفرح بينكما.
فكلما كنت كريما معها تحفظ لها مكانتها وكرامتها، كلما أذاقتك من عجائب مكنوناتها وفيض حنانها ومودتها ورفرفت السعادة على عشكما، وأنت بهذا الخلق النبيل تساهم ولا شك في بلورة شخصيتها وزيادة
عطائها في تدبير شؤون أسرتها الصغيرة، موازاة مع قوة فاعليتها وحضورها بأسرتها الكبيرة،مجتمعها.
وأنت أيتها الزوج الحبيبة كوني مع زوجك كنسمة الهواء العليلة، أفيضي عليه من حبك وحنانك عامليه بالاحترام والتقدير، أسمعيه من طيب الكلام وكلمات الشكر والامتنان والاعتراف بالجميل ما يرفع معنوياته ويشد أزره، قومي بواجباتك نحوه، اهتمي بطلباته واسعي لتحقيق راحته والاهتمام بأهله وضيوفه وحسن استقبالهم، اجعليه رفيقك الأبدي يوم لقاء الله عز وجل.
فأنت بهذا السلوك الراقي في فن المعاشرة الزوجية تكونين قد أطعت ربك وكسبت محبة زوجك وحافظت على استقرار عائلتك.
وأنت أيها الزوج الحبيب ماذا لو فعلت مثل حبيبك المصطفى ذوق راق وفهم عميق لنفسية المرأة المرهفة، وهو القائل صلى الله عليه وسلم “رفقا بالقوارير” فترفق أيها المؤتمن على أمانة أودعها الله تعالى عندك.