لنسعد بالاصطفاء

القرآن الكريم وسام شرف وتاج تفضيل للأمة المحمدية، قال تعالى : وهذا كتاب أنزلناه مباركا فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون 10
نماذج الاختيار الرباني
* أرقى اصطفاء.
لقد اطلع الحق سبحانه وتعالى على جميع قلوب العباد، فاختص محمدا صلى الله عليه وسلم لحمل هذا الكتاب المعظم بعد أن قرن اسمه الأعظم باسمه، عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال . لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا اله إلا الله محمد رسول الله. فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي، وإذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك” 11
* اصطفاء في خدمة المصطفى
واصطفى سبحانه وتعالى من ملائكته أقوى ملك لحمل هذا الكتاب المبين إلى رسوله الكريم، قال تعالى : علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى 12 قال مجاهد رحمه الله :ذو مرة أي ذو قوة)وقال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه : “ذو منظر حسن” وجبريل عليه السلام يتصف بالصفتين معا، فهو الملك المقرب من الله تعالى، هو كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله نقلا عن بعض السلف :إن منزلته من ربه منزلة الحاجب من الملك) 13 وقد أثنى عليه الحق سبحانه وتعالى بقوله :إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين 14 فجبريل له مكانة عند الله ومنزلة رفيعة كما أنه مطاع في الملأ الأعلى.
* اصطفاء بقعة التشريف وأبرك أوقاته
واختار جل جلاله أقدس بقعة على الأرض لينزل فيها كتابه الكريم، إذ أقسم جلت عظمته بمكة المكرمة في أيما آية فقال تعالى :لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد 15 وقال تعالى :والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور 16 وشرفه بنعته البلد الأمين في سورة التين، فمكة المكرمة أحب البلاد إلى الله كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سيدنا عبد الله ابن عدي رضي الله عنه :“والله إنك لخير البلاد وأحب البلاد إلى الله “وانتقى جلت حكمته أبرك الأوقات وأفضلها لإنزال هذا الكتاب المبارك، فأنزله في ليلة مباركة تقدر بعشرات السنين، قال تعالى في سورة القدر :إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر
للاختيار ثمن
جعل المولى عز وجل الأمة التي تحظى بهذا الكرم كله وهذا الشرف من خير الأمم، قال تعالى :كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله… 17
كرم ما بعده كرم، وعطاء ما مثله عطاء هذا الذي اختص الله به هذه الأمة المختارة. أرسل إليها أفضل رسله، وأنزل إليها خير كتبه، ورفع مكانتها عن باقي الأمم، وشملها بالنعم والمكرمات التي يعجز اللسان عن حصرها، لكنه ربط الخيرية بائتمارها بأمره وانتهائها عن نهيه، شرط الخيرية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يليق وشروط هذين التكليفين عدلا وإحسانا، حقا في رحمة…
ألا يتطلب منا هذا العطاء حبا قويا يملأ الوجدان، وتحري ما يرضي الحنان المنان؟ هذا وقد بين جلت عظمته صفات هذه الأمة، أنها تؤمن بالله إيمانا يدفعها إلى نشر الخير، وإبعاد الشر، لتسعد بنعم ربها، السعادة التي تجعلها تعيش في حياة الطهر والصفاء، مقبلة على حبيبها وقد رسخت حياتها لتحقيق معاني الاستخلاف التي من أجلها آثرها الله على الملائكة الأطهار. قال تعالى في سورة البقرة :وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون 18
عزيزي القارئ عزيزتي القارئة، لنسعد بهذا الاصطفاء وليكن ثمن الاختيار الإلهي :
حب قوي للمنعم ولرسوله الكريم، وخضوع مطلق منا للكريم الجواد، وامتثال لا مشروط لأوامره.
[2] رواه الإمام البيهقي رحمه الله في الدلائل
[3] سورة النجم، الآيتان : 5-6
[4] إغاثة اللهفان 2/136
[5] التكوير 19-20- 21
[6] سورة البلد، الآية : 1-2
[7] سورة الطور، الآية : 1-2-3
[8] سورة آل عمران الآية110.
[9] الآية 29.
[10] سورة الأنعام آية 155 .
[11] رواه الإمام البيهقي رحمه الله في الدلائل
[12] سورة النجم، الآيتان : 5-6
[13] إغاثة اللهفان 2/136
[14] التكوير 19-20- 21
[15] سورة البلد، الآية : 1-2
[16] سورة الطور، الآية : 1-2-3
[17] سورة آل عمران الآية110.
[18] الآية 29.