عيد في العهد الجديد
ويمضي رمضان، ويعود العيد من جديد، فهل من جديد؟ اخترت لكم في هذه المناسبة معزوفة درامية حزينة. عكس ما يملأ الأرجاء من موسيقى تلعب بالجسد كما تشاء وتصم الآذان وأضواء براقة تعمي الأبصار. آسفة إن قلبت عليكم المواجع، لكن الجرح إذا أوجعه الدواء التئم.
العيد، كلمة تحمل في طياتها معاني الفرحة والسرور، والعهد الجديد دلالة على توديع عهد قديم برحيل أصحابه إلى دار الجزاء، ومقالتي معزوفة تتناغم فيها المعاني، اخترتها لكم من شرق بلدنا الحبيب “المغرب غير النافع” كما سمي في العهد القديم. أتلوها على مسامعكم، وأنتم من يقرر إن كانت توجب الرقص أم النحيب.
زرت مسقط رأسي بعد غياب غير طويل، وسرني كأي زائر عابر رؤية التغيير. تغيرت معالم المدينة والمنظر في وقت قصير، فتساءلت في نفسي عن حال المخبر، عن حال الأهل والأحباب هل تغير؟ عن الموظف البسيط ، صاحب الدخل المحدود، يعول أنفارا. وعن الشاب والشابة العاطلان عن العمل الراغبان في العفاف والزواج، وهو بعيد المنال، يأخذان مصروفهما من الغير إن وجد. وعن كم الأمهات و الأطفال المهمل جراء الفقر والظلم؟ لا شك أنكم مثلي تتشوقون لمعرفة الجديد. مهلا فالجديد كثير، الاستثمارات على أشدها في الإقليم، وأنت في مدينتك اليوم غريب. لأن الضيف الأجنبي صاحب المال الوفير أصبح مقيما في بلد “الماء والخضرة والوجه الحسن”. أحببت أمي كثيرا عندما كانت تطعمنا بمثل طعام الضيوف قبل مجيئهم، وتوصينا أن لا نجلس معهم على المائدة. أما ضيوفنا في مغربنا الحبيب يحلون أهلا وينزلون سهلا ويأكلون ما لذ وطاب . فكيف نلوم العيال إن تطاولوا على أكل الضيوف؟.
الجديد… الجديد منجزات ومنشآت لا ينكرها إلا جاحد حقود.
كنت البارحة أيها المسكين تستهلك من سوق المستضعفين، أصبح لك اليوم أسواق المتحضرين: مرجان وأسواق السلام و….
كنت البارحة أيها العاطل تسعى إلى رزقك، بفرش بضاعتك على الرصيف، فكرنا في راحتك والمنظر الجميل، وأنت اليوم متقاعد ترتاح في المقهى تدخن وتتسامر وربما تتشاجر.
كنت أيها الشاب والشابة تحلمان برؤية المشاهير، حققنا لكم ﺬلك وصرفنا المال الوفير على الفنان والفنانة من بلاد العرب والعجم، تراهم رأي العين وتتفاعل معهم وسط حشد غفير وتنس الهموم. تسهر ليلا حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وفي النهار نوم عميق. ترتاح وتريح .
اضحك إن شئت أو ابك أيها القارئ على مستملحة جديدة طازجة : دخل أخي الشاب مع أصحابه إلى سوق على شاطئ البحر “مارينا سمير”. أعجبته ساعة يدوية فلبسها وسأل عن ثمنها، فقيل له سبعة عشرة، والأخرى واحد وعشرون …ماﺬا درهما ؟؟ّ لا طبعا بل مليون. عقاربها من الماس، فمن يزهد في هذا الذر الثمين.
لم لا ترقص أيها المواطن رقصة الديك المذبوح وأنت تستقبل فواتير الكراء والماء والكهرباء والهاتف والضريبة و …و…
نودع شهر رمضان، شهر التدبير، أستغفر الله بل التبذير فكيف تدبر يا مسكين والأسواق تناديك وتغريك من قريب ومن بعيد، والنفس المسكينة تشتهي، والدعاية تفعل فعلها في الصغير والكبير.
لم لا ترقص رقصة الديك وأنت تستقبل الدخول المدرسي. آه لقد نسيت فقد جادوا علينا في رمضان بالجديد. من قفة الصائم إلى محفظة التلميذ. كذا علم من الإمام في خطبة الجمعة قبل العيد .
لا بأس، فرصة لتذخري أيتها الأم ثمن الكتب، وتصرفيها عند شراء ملابس العيد من السوق الجديد.
ما رأيكم في معزوفة العيد؟؟ أترككم لألبس ما يناسب وأبتسم للقاء الجار والحبيب، وأنتظر معكم قدوم العيد ، فأكيد أن له عودة ولو بعد حين.