سفيرة الفطرة

سفيرة هي الأم، سفيرة وصل رسالة الفطرة، وهبت أحشاءها وعاء للأجنة تتقلب خلال أطوار تخلقها، إلى أن تكتمل ويأذن الله سبحانه بميلاد، ميلاد مادي, ينزل الجنين لا حول له ولا قوة إلا حضن الأم الحانية ، تغذيه، تنظفه وتطببه حتى يشتد عوده ، تجوع ليشبع، تعرى ليلبس ، تسهر لينام وتتعب ليرتاح، تضحية وتفان وخدمة كانت وما تزال عنوان الأمومة وشعارها الممتد عبر الأجيال. وظيفة انبرت إليها بما حباها الله عز وجل من استعداد فطري وتكوين جسمي.
دور ذو شقين
الوالدان أصل مادة الحياة الموروثة ، هم معبر الذرية وأصلها، وأي فساد في المورثات أو خلل في الجينات لاشك يتسبب في تشوه خلقي للأجنة، فتحرص الأم ويحرص الأب أشد الحرص على سلامة ثمرة لقائهما من كل مرض أو تشوه.
حرص محمود ومندوب له كل والد ووالدة، لكنه شق من وظيفتهما لا يستقيم ولا يكتمل إلا بحرص ملازم يجب ألا يغفلاه أو يتغاضيا عنه، كي لا يخرجا للوجود جيلا مشوه المعنى معوق الفطرة.
دور مزدوج ذو شقين: شق يرعى فيه جسم الجنين ثم الطفل وشق ترعى فيه روحه. وأي إخلال بهما يفقد العملية التربوية توازنها.
هذا من ذاك:
أمرنا الله عز وجل في قوله عز من قائل:وأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم 3 استقامة أصيلة على الدين هي فطرة، وحنفية سهلة سمحة بسيطة، ثم أمر بعدم تبديل خلق الله.وهذا حديث مكمل وشارح لمعنى الآية الكريمة، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:“ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه “الحديث. “ 4 ، يستقرئ منهما الأب والأم ويستقيان دورهما كما يستشعران منهما عظم مسؤوليتهما.
الوالدان مسؤولان عن رعاية وتنشئة الطفل على الفطرة مسؤوليتهما عن رعاية جسمه. دور الأم في مرحلة مبكرة اكبر لأن الطفل يظل لصيقا بها في أولى مراحل تنشئته. لذلك وجب أن تحرص الأم على تنشئة طفلها تنشئة إيمانية عبر حبل سري ممدود موصول ورضاع فطري خال من كل المشوشات ، تلقنه بلطف ورفق وتجيب عن أسئلته البديهية عن معنى وجوده وتخبره بكلماتها البسيطة بحقيقة وجود الله تعالى والدار الآخرة حتى يستقر الإيمان في قلبه زحفا نحو رجولته.
بذلك تكون الرسالة، رسالتك أيها الأب ورسالتك أيتها الأم قد اكتملت واستحق أن يخلد ذكر اسمكما ويقرن رضاكما برضا المولى جل وعلى.
[2] رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
[3] سورة الروم الآية 39.
[4] رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه