جريمة الأنبياء: إنهم أناس يتطهرون

كانت هذه جريمة الأنبياء في نظر السفهاء… ” إنهم أناس يتطهرون ” و إنها الآن جريمة المخلصين الأتقياء الأنقياء في نظر الصغار الأخفياء… ” إنهم أناس يتطهرون ” … يا لغرابة هذا الزمن ….
كنت أنتظر كما ينتظر جميع المغاربة و العالم بأسره… كنت أنتظر عرسا بطوليا رسميا يليق بمقام الأبطال العائدين من سفن الحرية… و ظللت طيلة اليوم أمام شاشة التلفاز أنتظر بشوق تلاحم العائدين بإخوانهم وأحبابهم… ومرت الساعات تلو الساعات، وأبنائي يلتفون حولي… أنتظر وإياهم بشوق… وفي المساء تطلع علينا قنواتنا بخبر هزيل قتل فيّ كل رجاء… و ضاعت فرحتي بين الدموع والكلمات، فحملت القلم عسى أن أجد فيه سلواي… فهلا شاركتموني هذه السطور؟؟؟
ما زلت أذكر أني لما كنت في الروضة… أهتف بك، وأرسم لك ألوانا كمثل الزهر على كل رسوماتي، وأحلم لأكبر يوما، فأراك كما رسمتك مخيلتي الصغيرة.
…ودرجت في كل ركن جميل من بيتي وأنا أردد إسمك… علمني حروفك أمي وأبي… و كانا يوصياني بك… ببرك و الوفاء لك.
كبرت وخبرت كل شيء فيك، وصرت أنا أنت، وأنت أنا… بنيت معك كل ركن جميل، و لم أحدث نفسي يوما أن أحاسبك… كما لم تحدثني نفسي أنك ستتنكر لي… فتهين والدي و تأسرهم في ظلمك… هم اللذين كانوا يحبونك حتى النخاع.
…هدمتَ بيتي… اقتلعت شجيراتي… أحرقت شبابي… حاصرتني في كل مكان… وأنا ما زلت أهتف بك… أحبك.
وتصفعني في كل يوم صفعات… وأنا بملئ إرادتي أدير لك وجهي لتصفعني الثانية والثالثة و… لأني أحبك.
أهنت كرامتي… سلبتني حقي… ومازالت صورة الروضة لك في قلبي كما هي.
تسائلني نفسي… أنا منك وأنت جزء مني… فلم الهجران ؟؟
ألسنا إثنان في أحادية؟؟ فلم النكران؟؟ ألم أحمل إسمك وأنا أتحرك في الأماكن والأزمان… أحدثهم عنك وأحكي لهم قصة الوفاء… وأرسمك لهم في لوحة الضمير الذي لا يعرف الخيانة.
…ألم أحملك بين ذراعي، رغم ثقل الأمراض فيك… نكرانا للذات.
…ألم أنصحك نصح الحبيب… ودللتك على مواطن الأدواء… لأني لك محب وطبيب.
لكنك أيها الحبيب… أعيش معك وأنا طريد… فمتى، متى تحملني بين أحضانك تعانقني… فأنا مازلت… وسأظل أحبك.
وجاء إليك إخواني بعد المحنة والشقاء… قابلتهم بجفاء… ونسيتُ أنك أنت من خنقت بعضا منهم سنين في الظلام… ونسيتُ أنك من سلبتني حريتي… وحاكمتني ظلما وافتراء… وما زلت أحمل لك الوفاء… كما أوصاني بك الأحباء.
أيها الحبيب… ليس بيني وبينك جفاء، ولا حساب ولا عتاب… وما زلت أوصي بك أبنائي كما أوصاني بك الآباء.
وها أنذا أيها الحبيب أشكو إليك ما ألم بي… ولا يحزنني سوى أني… يا حبيبي…
يــــــــــــــــا وطــــــــــــــــــــــــنـــــــــــــــــــي…
أنا فيك غــــــــــــــــــــــريــــــــــــــــــب.