بر الوالدين

نمــاذج وصــور لبــر الوالديــن
1- نموذج سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها : إحدى الكاملات بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم، هي حب النبي الملقبة ب”أم أبيها”، لقب بل شرف نالته سيدتنا فاطمة الزهراء بصحبتها لأبيها وبرها ورعايتها له، قامت بدور أمها خديجة بعد وفاتها، محبتها لأبيها بدأت منذ صغر سنها حيث كانت تخرج من البيت لتتبع أباها حين يسعى كل يوم إلى أندية قريش مبشرا بدعوته، فتتألم ما يناله من مكرهم، وتلقى عنه كل ما يصيبه من أذاهم وتحميه وتدافع عنه أمام صناديد قريش، ولا يفوتها مشهد يوم أحد حين جرح عليه الصلاة والسلام في وجهه وأصابه كسر، فقامت فاطمة تغسل عنه الدم، فلما رأت كثرة تدفق الدم أخذت حصيرا فأحرقته حتى صار رمادا، ثم ألزقته فاستمسك الدم.
2- نموذج سيدتنا أسماء بنت أبي بكر : “ذات النطاقين”، نالت هذا اللقب، بل هذا الشرف حين خدمت أباها ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة هجرتها، حيث شقت نطاقها لتلف به إناء الطعام والشراب زادا لهما في رحلتهما، وكان أبوبكر قد احتمل معه كل ماله، فقال جدها أبو قحافة وهو بصير : والله إني لأراه قد فجعكم بماله كما فجعكم بنفسه، ودفاعا عن أبيها أسرعت أسماء إلى كوة بالبيت حيث كان أبوها يضع المال، فوضعت أحجارا وغطتها، ثم وضعت يد جدها عليها ليسكن روع الشيخ. صورة أخرى من بر أسماء : قدمت أمها عليها حاملة هدايا، وقد كانت كافرة، فترددت أسماء في أن تدخل أمها وأن تقبل هداياها، ثم أرسلت تستفتي رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فأمرها الرسول أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها وقال لها :“صِلِي أمك” 7
آداب بـــر الوالديــــن
إن أكمل الأخلاق وأعلاها، وأحسن الأفعال وأبهاها هو الأدب، ولقد أدبنا الله تعالى في القرآن الكريم، وأدبنا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في السنة الشريفة (قدوتنا وأسوتنا) لنسير على دربه ونهتدي بهديه.
وإذا كان الوالدين وطاعتهما من أوجب الواجبات، فإن لهذا البر آداب جليلة يحسن بنا مراعاتها والعض عليها تكميلا لواجب البر، ومن هذه الآداب :
1. معاملة الوالدين بعطف ولطف ومخاطبتها بلين ورفق واخفض لهما جناح الذل من الرحمة
2. عدم رفع الصوت فوق صوتهما أو إظهار التضجر أما مهما.
3. الدعاء لهما بالمغفرة والرحمةوقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
4. تقديمهما عند الدعاء على غيرهما كما قال سيدنا نوح عليه السلام رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمناتوإهداءهما بعضا من القرآن أو غيره من الأقوال والأعمال الفاضلة.
5. الحرص على استئذانهما وطلب إذنهما ولو في الخروج للجهاد، قال أبو سعيد الخدري :هاجر رجل إلى رسول صلى الله عليه وسلم من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم 🙂“هل باليمن أبواك؟ “قال نعم، قال 🙂“هل أذنا لك؟ “قال لا، فقال عليه السلام 🙂“فارجع إلى أبويك فاستأذنهما، فإن فعلا فجاهد وإلا فبرهما ما استطعت فإن ذلك خير ما تلقى الله به بعد التوحيد” 8
6. الحرص على إرضائهما وتجنب ما يكدر صفوهما ما أمكن. جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب البيعة على الهجرة وقال:ما جئتك حتى أبكيت والدي، فقال صلى الله عليه وسلم : )“ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما” 9 7. ألا ينادي والديه إلا بما شرفهما الله تعالى به (أبي- أمي من أبوة وأمومة) ولا يسميها باسمها، فعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله : “حق الوالد على ولده أن لا يسميه إلا بما سمى إبراهيم به أباه “يا أبت” ولا يسميه باسمه” 10
8. الحرص على عدم الجلوس قبلهما أو المشي أمامهما أو أن يبدأ الأكل قبلهما، فعن عائشة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :“لا تمش أمام أبيك ولا تستسب له، ولا تجلس قبله، ولا تدعه باسمه”
9. هذا في حياتهما، أما بعد وفاتهما فلهما على الأبناء ما قاله مالك بن ربيعة :بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبواي شيء أبرهما بعد وفاتهما؟ قال 🙂“نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما”وقال صلى الله عليه وسلم :“إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب” 11 هذا وإنه مهما قدمنا لآبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد مماتهم من بر وإحسان وطاعة وتأدب فلن نوفيهم حقهم لأن كل ذلك لا يعدل مثقال ذرة مما أسدوه لنا من تربية ورعاية ومعروف. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : رسول الله إن لي أما أطعمها وأسقيها وأحملها لتقضي حاجتها، فهل وفيت لها بحقها؟ قال 🙂“لا لأنها كانت تفعل لك أكثر من ذلك، وتتمنى حياتك، وأنت تفعل ذلك وتتمنى موتها” 12
اللهم اغفر لوالدينا وارحمهما كما ربيانا صغارا
اللهم بارك فيهم وارض عنهم وأحسن إليهم
اللهم اعف عنهم وعافهم وأحسن عاقبتهم
اللهم متعنا برضاهم وأعنا على حسن طاعتهم والبر بهم
اللهم اجمعنا بهم واحشرنا وإياهم في زمرة خير الأنام صلى الله عليه وسلم
آمين.
[2] رواه الإمام أحمد.
[3] رواه الإمامان أبو داود والنسائي.
[4] كنز العمال.
[5] رواه الإمام أبو داود.
[6] رواه الإمام مسلم.
[7] رواه البخاري
[8] رواه الإمام أحمد.
[9] رواه الإمامان أبو داود والنسائي.
[10] كنز العمال.
[11] رواه الإمام أبو داود.
[12] رواه الإمام مسلم.