المحافظة على البيئة من شيمنا

أصوات تتعالى هناك منذرة بكارثة بيئية وأخرى تصم الآذان هنا مستبشرة بغد أفضل ومغرب أخضر ما الخطب وماذا حصل؟
إنه يوم الأرض الاحتفال العالمي للمحافظة على البيئة إنها الذكرى الأربعينية على انطلاقها من أمريكا. أليس من مبادئ ديننا الاعتناء بالبيئة؟ أليس مطلق الاستخلاف في الأرض يقتضي منا ذلك؟ لم نستورد مبادئنا كما نستورد القمح والمواد الغذائية؟.
من أحيا أرضا ميتة فهي له
حديث نبوي شريف وأصل من أصول الشرع السمح الحنيف كان سيدنا عمر رضي الله عنه ينزع الأرض ممن لا يستطيع زرعها ويقسم الأرض الكبيرة التي لا يستطيع صاحبها إصلاحها وحده مع من له القدرة على ذلك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الإسلام هو أول من حث على الاعتناء بالبيئة ولم يخصص لها يوما واحدا فقط بل اعتبر ذلك خلقا ينبغي أن يتحلى به المؤمن طيلة حياته لينال رضا الله ورسوله فقد أوصى صلى الله عليه وسلم على الغرس والزرع فقال عليه السلام:“من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر فإن له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله عز وجل” 3 . ورغب في الزرع حتى قبل قيام الساعة بثوان فذكر أن من كانت بيده فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليفعل أو كما قال صلى الله عليه السلام.
واعتبر صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان فحدث الصحابة رضوان الله عليهم ليلة أسري به عن الرجل الذي يتنعم في أعلى الجنان وأنه لما سأل عن العمل الذي أوصله إلى هذا المقام قيل له أنه أزال شجرة من الطريق سقطت وقطعت عن الناس ممرهم. والأحاديث التي تحث على المحافظة على البيئة كثيرة ومتعددة لا يسعنا المجال لذكرها كلها.
فالذين يتشدقون ويتفيهقون اليوم ويرسلوا لنا توصيات معلبة للمحافظة على البيئة هم من أحرق الشجر والدواب والأطفال الصغار بالقنابل العنقودية والفسفور الأبيض وإن فلسطين والعراق لازالت تشهد وفيتنام لا زالت تذكر…بل أجداد هؤلاء هم من شهد أثناء الفتوحات الإسلامية بمدى محافظة المسلمين على البيئة واعترفوا بذلك، أجل فالمسلمون قد أوصاهم نبيهم وقائدهم محمد صلى الله عليه وسلم بأن لا يقطعوا شجرة ولا يقتلوا دابة ولا طفلا صغيرا ولا امرأة أثناء الحرب فما بالك بالسلم. ما كان أحد أرأف بمخلوقات الله ولا أحرص على نظافة البيئة من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يعطي للحيوانات أسماء كما نسمي نحن الإنسان وكان ينصف الجمل ويتعهد للغزالة والقائمة طويلة… فلنرجع لشمائله صلى الله عليه وسلم عسانا نقتدي بها.
لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها
خلق الله الإنسان على وجه هذه الأرض وسخر له كل ما يوجد فيها، وذلل له صعابها تكريما وتشريفا أليس هو خليفته في أرضه؟ ومن ثم فلا يليق بخليفة الله إلا أن يعمر الأرض عمارة تليق بمقامه فيحافظ على جميع المخلوقات الموجودة عليها ويحسن إليها كما أحسن الله إليه. وبهذا أنزلت الكتب وأرسلت الرسل لكن وللأسف الشديد فقد كثرت مظاهر الفساد والإفساد في الأرض حتى التبس الفهم على الناس ولم يعد الإنسان يكثرت لبعض السلوكيات التي يقوم بها يوميا والتي تفسد هذه الأرض. معتقدا أنها لا تمت إلى الدين بصلة وأن عمله المشين هذا لا يعد خطيئة، وكان عاقبة ذلك أن بدأنا نسمم أنفسنا وبدأ يلحق بنا العقاب في الدنيا قبل الآخرة.
ومن مظاهر الفساد والإضرار بالبيئة الإسراف في الماء فإنك لا تجد إلا القلة القليلة هي التي تحافظ على الماء أما ما عدا ذلك فإنما هي الخراطيم التي تنظف البيت ويدفع بها الأزبال من أبواب البيوت وتغسل بها السيارات…هذا وقد نهى ديننا الكريم عن الإسراف في الماء فقد روي:“عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف؟ فقال أفي الوضوء إسراف؟ قال:نعم وإن كنت على نهر جار “ 4 .
وكذا قطع الأشجار وإذاية الحيوانات والاتجار بها واستغلالها أبشع استغلال مع العلم وكما أخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار في هرة وبغي غفر لها بسبب كلب كان عطشانا فسقته.
إننا يا أعزائي لو عدنا إلى مبادئ ديننا واتبعناها أحسن إتباع لعادت الأرض جنة خضراء ولما عاد ما يقلق الإنسان عليها مطلقا فحتى العابثون الذين يغلب عليهم النهم من ذوي الحرف والصناعات الذين يلوثون البيئة لتحقيق مصالحهم الشخصية خصص لهم الإسلام نظام الحسبة ليضربهم المحتسب على أيديهم فيكونوا عبرة لمن بعدهم كما أشار الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه الأخير الذي يتحدث على المحافظة على البيئة.
جعلني الله وإياك عزيزتي القارئة عزيزي القارئ ممن يعمرون الأرض بالخير والصلاح وممن لايسيئون إليها ولو بأدنى شيء آمين آمين والحمد لله رب العالمين.