أسطول الحرية وورطة الحصار

في 23 من شهر آب-أغسطس-2008 انطلق قاربا صيد يونانيان في اتجاه غزة المحاصرة، فكانت تلك أول قوارب ترسو فوق ميناء غزة منذ 41 عاما. ومنذ ذلك الوقت توالت حملات فك الحصار وازداد عدد المتضامنين من كل أنحاء العالم على اختلاف طوائفهم وأعراقهم لنصرة الفلسطينيين بعدما دب اليأس في النفوس من قوانين حقوق الإنسان. واليوم هاهي حملة أسطول الحرية التي قادها أكثر من 750ناشطا حقوقيا وإغاثيا من 40 دولة من دول العالم معظمهم من الأتراك جاءت لتشكل بداية حراك دولي حقيقي وفاعل.
الحصار يضعف موقف إسرائيل
في تقييمها للحصار الذي دخل عامه الرابع قالت صحيفة “هآرتس الإسرائيلية”:إن الحصار على غزة أخفق ولم يضعف حماس وقد فرضته الحكومة السابقة وتخشى الحكومة الحالية إلغاءه لئلا تتهم بالضعف إزاء حماس). لقد شعر الكيان الصهيوني أنه تورط في هذا الحصار، إذ تصاعدت كراهية العالم له مما قد يضع إسرائيل في عزلة دولية. يبدو أن المعادلة قد انقلبت هذه المرة حيث أن غزة هي من باتت تحاصر إسرائيل، فالضغوطات الأوروبية ازدادت بفك الحصار، وقد خسر الكيان الصهيوني بعض علاقاته المتميزة مع بعض الدول الأوروبية التي كان لها تمثيل برلماني وحقوقي ضمن أسطول الحرية كبلجيكا والسويد، وأعلنت نيكاراغوا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني وتظاهر الآلآف في عدد من دول العالم أمام السفارات الإسرائيلية وهاهي ذي هلاري كلينتن تصرح على مضض ولأول مرة أن الوضع في قطاع غزة غير مقبول ولا يمكن أن يستمر.
أسطول الحرية وشعب غزة
خلفت مجزرة أسطول الحرية التي تعرض لها أحرار العالم أثرا إيجابيا وعميقا على شعب غزة إذ عرى الحقيقة المزيفة لإسرائيل التي طالما أوهمت العالم أنها الضحية دائما عبر التاريخ وأزالت القناع على الوجه البشع لهذا الكيان القذر، وراح الرأي العام الدولي يلاحق الغاصب المحتل أمام المحاكم الدولية لمقاضاته على جرائمه. إننا محزونون لفقدان إخواننا الأتراك ولأولئك الأحرار على متن الأسطول إلا أن الله أراد أن يجعل من تلك الدماء الزكية وصمة عار لن تبرح جبين الكيان الصهيوني. إن الهجمة الإجرامية لوحدة الكومندوز الإسرائيلية على مدنيين عزل في عرض البحر جعل من القضية الفلسطينية محط أنظار واهتمام المنصفين باختلاف أعراقهم ولغاتهم ودياناتهم.
فقد صرح أردوغان خلال اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية بعد وقوع المجزرة:سنظل ندعمكم مهما كان الثمن ولو بقينا وحدنا). ولنا وقفة مع أحد أهم رموز الأدب العالمي “هيننغ مانيكال” الذي له قاعدة قراء عريضة وتأثير واسع، والذي كرس حياته في محاربته العنصرية في جنوب إفريقيا، ويتبنى اليوم محاربتة الصهيونية في العالم وفي فلسطين بالخصوص. فقد جاء في رده على جريمة “أسطول الحرية”:أفكر جديا بوقف ترجمة رواياتي إلى اللغة العبرية)، بصفته أحد المشاركين السويديين في الأسطول على متن سفينة “صوفيا”.
هكذا نرى أنه كلما زاد كيد الصهاينة للنيل من المسلمين إلا ورد الله ذلك في نحورهم وفتح للمؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله من حيث لم يحتسبوا. لقد أظهرت هذه المجزرة عدالة القضية الفلسطينية كما أظهرت ترهل الأنظمة العربية التي سلمت زمام أمورها للولايات المتحدة الأمريكية، ولم تسع حتى الآن لقطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو وقطع كافة أشكال التطبيع، إن ما حدث ليؤكد أن الغطرسة الصهيونية إلى زوال، ليحق الله الحق ويبطل عمل المفسدين، ويمن على الذين صبروا بالنصر والتمكين.
لنقل في يقين إن ما حدث هو فتح من الله ونصر قريب.