قصة امرأة

امرأة أنا خلقت حرة أبية كرمني ربي فجعلني إنسانة كاملة الأهلية، مني الزوجة والوالدة والأخت والبنت. الأم التي تحنو وتربي. من فطرتي أمومة تسع القريب والبعيد، تعتني بفلذات الأكباد وفلذات الأرواح.
هي أمومة لأسرتي وأمتي.
كنت السيدة حواء أم البشر، وكنت السيدة خديجة الأم الحاضنة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل الزوجة، كان بطني حاضن للأنبياء وكنت المربية الداعية، ومع ذلك استشهدت في نار الأخدود مع أبنائي وآثرت بيتا في الجنة رغبا في رضا ربي على قصر فاني مع طاغوت.
كانت لي عزة ومكانة، هاجرت وجاهدت وناصرت وكنت العالمة والطبيبة والمستشارة، لقد كنت برجا في عالمي.
لكن !
توالت السنوات وتكالب علينا الملوك الذين أفرغوا الحكم من جوهره القائم على العدل، فأقبروني في بيت يحوي الأمية والجهل، وصرت مهملة لا ينظر إلى قلبي وعقلي بل فقط إلى جسدي، فصرت خاضعة والدة جارية أمَة تغني وترقص على أنغام الظلم الذي أحاط بها. مقيدة أنا بين مطرقة الحكم الظالم وسندان فقه متشدد لم ينصفني فيه علماء البلاط.
لم يكتفوا بهذه القيود بل زادوني سلاسل. زعموا أنهم يريدون تحريري لكن زادوا طينتي بلة. فصلوني عن هويتي، فسخوني من أخلاقي، فصرت دمية يُلعب بها كيفما شاءوا وقت ما شاءوا وأين ما شاءوا، فصرت تائهة ببغاواتية مجردة من الروح.
فهلا قمت !
من تحت الأنقاض وركام التاريخ المثقل بالظلم، أسمعت فطرتي همسا رحيما ويدا حانية تمتد لتنقذني وتؤويني وتطعمني حتى يشتد عودي ويتعافى جسدي من جراح القرون.
وتدعوني بعدها أن قومي وحلقي لتعودي إلى السرب فأنت اليوم حرة.
قومي وانفضي الغبار عنك، أنت الإنسان الذي كرمه الله وأنت المرأة التي شرفها الله. نوري قلبك بالإيمان بالله وتشربي سيرة رسول الله وثقي في موعود الله.
اكسري قيود الظلم وتجاوزي درك الفقر، نوري عقلك بالعلم.
لكن ! تسلحي بالصبر والصبر ثم الصبر فهناك عقبات وعقبات وعقبات.
فقامت امرأة وقالت بصوت الأم : أمتي تنتظر.
فقمت وقلت: هذه أنا هذه طريقي وهذه وظيفتي.